الخميس، 9 أغسطس 2018

اليتيم ( ما بيوصُّوه علي البكا )

نحن من اخترعنا شيئا وسميناه الظروف وارتجلنا عبارات تًضرب كلما مرّ موقف يتشابه مع تلك الظروف المفروضة ..

ولا تزال تلك الدلالة سارية الي يومنا هذا وقد تسمع أحدهم يقول :

(عاكستني ظروفي) ..

أظن أن الناس يخترعون تلك العبارات والاسماء عندما يجري لهم شيئا فاجعا محزنا ..

ولو تفرسنا سنجد قائمة لا حد لها من الدلالات حاقت بمن يطلقونها مصائر شائكة ..

وقد تسمع أحدهم يقول :

(اليتيم ما بيوصُّوه علي البكا) ..

وهذا هو الميكانيزم الذي تتبعه الجماعات في تداول العبارات المرتجلة في مواقف معينة بحيث يسير مع التاريخ وتتداوله الأجيال ..

وقد تكون لبعض العبارات خصوصياتها ولكن إن وسعنا النظر سنجدها تسري فينا وتنطبق علي حال كل منا علي الرغم أن من ارتجلها كان يقصد بها موقف خاص مرّ به ..

فدائما هناك طرق للجماعة تعبر بها عن مكنونها الداخلي المشترك ..

تلك العبارات والامثال ليس هروبا من الواقع وانما تلويحا بقميص يوسف .

يا جاري (خليك في حالك وأنا في حالي)

كنا نقول (الجار قبل الدار)..
أما اليوم بتنا نقول :
يا جاري (خليك في حالك وأنا في حالي) ..
يقولون تغيرت الدنيا ..
هه ـــ لم تتغير الدنيا فقط تغيرت قلوبنا فقدت ركائز تقبلها للحياة بوجه مختلف ..
تغير القلوب هو خسارتنا الكبرى التي لن تعوضنا عنها أي مكاسب ..
فبعد أن كان بإمكاننا تخزين طقوس تعايشنا في علب محكمة الاغلاق بتنا نفقد القدرة علي بناء جسور الوصال رويدا رويدا ..
صرنا نستقبل كل أنواع الانكسارات بتبلد وبرود فكثرة المصائب اكسبتنا مناعة دائمة ضد الصدمات ..
لم يعد للعيش والملح اهمية لدى الكثيرين ولا احد يتذكر عند الخيانة لقمة العيش والملح المقتسمة..
لم تتغير الدنيا ولكن صغرت مساحات الأمان ..
لم تتغير الدنيا ولكن وهنت صحة المحبة والإخاء الصادقة فينا ..
لم تتغير الدنيا ولكن من يحيك نسيجها الاجتماعي ليحكم رتقه سواك ربي ..؟

نحتاج لمسرح ما نوزع عليه الأدوار من جديد

تمنحنا الحياة صعوبة البناء ..

ومع مرور الأيام يكتمل البناء وتسكنه أحلامنا ..

ولكن بسهولة ما تعود تأخذه الحياة في محاولة هدم عشوائية ..

حينها يطفو علي السطح اكتشاف أن لا ثوابت للأزمنة فكل الأشياء تتغير..

حينها نُصاب باليأس ونغادر انفسنا ..

نئن ولا نموت ..!

وتأتي الريح التي لا تشتهي سفننا ما أتت به ..

وتأتي الريح لتعلو وتهبط بنا فتكون اجنحتنا قد فقدت من قوتها الكثير ..

وتاتي الريح بما يُحطم أضلع القلب شهيقا وزفيرا ..

ويخلو مسرح حياتنا من :

الصدق ..

الأمان ..

الصبر ..

حينها نكون أحوج ما نكون الي :

التحايل ..

الكذب ..

التمثيل ..

ونتعلم كل شئ خلا الصبر ..

ونُدهن بأدران تسللت الي أجسادنا علي حين غفلة من إنتباهنا ..

ونحتاج لخريف ما يغسل أجسادنا ..

ونحتاج لمعجزة ما تقطع الطريق علي التحايل ..

ونحتاج لمفتاح ما يفتح الابواب أمام الصدق ..

ونحتاج لمسرح ما نوزع عليه الأدوار من جديد .

مي حموري في 2:12 م